صرخة مدوية فهل ثمة من صريخ !؟/ محمد الأمين ولد الكتاب
تانيد ميديا : كتب د. محمدو ولد لحظانا في بحر الأسبوع المنصرم سلسلة مقالات تحليلية استشرافية عميقة وبالغة الأهمية تحت عنوان : “معادلة جديدة في علاقاتنا بجار الجنوب” و جعل لها عنوانا فرعيا عميق الدلالة و باالغ الوجاهة مستمدا من تراثنا الشعبي و مستلهما ما قد درج عليه أسلافنا من حذر و يقظة ونفاذ بصيرة . وهذا العنوان الفرعي هو “يا عساس يا مساس أرع مالك لا ينحاص”. تعرض د. أحظانا في مقالاته بتمكن ودراية و بعد نظر كبير، كعادته، لمختلف التوترات و الهزات و الأزمات التي طبعت العلاقات السوسيو ثقافية والسياسية و الإقتصادية بين موريتانيا و السينغال منذ حصول البلدين على استقلالهما في مطلع ستينات القرن العشرين ، و التي تجلت في التعبير المتكرر عن أطماع ترابية متهورة و استفزازية ضد موربتانيا ، تمثلت تحديدا فى المطالبة بالضفة اليسرى لنهر السينغال وادعاء امتلاك حق ملء ما سمي بالأحواض الناضبة في كايور السينغالية. يضاف إلى ذلك عدم تحاشي الجانب السينغالي للعنف اللفظي وتبنيي مواقف غوغائية مستهترة و أحادية النظرة، تستبطن نظرة استعلائية ليس لها ما يبررها تجاه بلادنا. وهذا ما دأبت موريتانيا على مواجهته بصبر و تعقل، أملا في أن يثوب الجار السينغالي إلى رشده ويرعوي عما تمادى على اقترافه من أخطاء سيئة منذ عهد المرحوم المختار ولد داداه .
بيد أن مووريتانيا لم تجد بدا في عهد كل من معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع و محمد ولد عبد العزير من إظهار ما استوجبته الأوضاع من حزم و صرامة لم يكن منهما بد ولا عنهما مندوحة. سيما وأن الإخوة في السنغال لا يكفون عن تماديهم في الصلف والعدوانية التي أورثها واد لسونكو، ويتمسك بها في ما يبدو الرئيس الحالي ياصيرو دومبي افاي.
إن المقالات الوافية الشافية التي كتبها الدكتور محمد ولد لحظانا ، و التي استكنه فيها الأوضاع السائدة في البلاد و استشرف فيها ببصيرة نافذة وحدس صائب قويم المآلات التي قد يفضي إليها ما قد يطال البلاد من تحولات و انزياحات يتعذر في الوقت الراهن تبين ملامحها و معالمها ، هو في نظري بمثابة ناقوس خطر يستدعي التوقف لتدبر و تقييم ما بات واضحا من دسائس عدائية متعددة الأبعاد والأهداف تحاك ضد بلادنا، سعيا إلى المساس بأمنها و سلامة أراضيها و استقرارها، وصولا الى العبث بمواردها و مقدراتها.. وهذا يستدعي من نخب البلاد و قواها الحية و صناع القرار بها ، وعيا للظرف الدقيق الذي تمر به البلاد و أخذا كاملا لمسؤولياتها ، من خلال تعميق الوعي بطبيعة هذه المسؤوليات و عدم اهمالها أو التهاون بها. حيث أن البلاد باتت أكثر من أي وقت مضى محسودة على استقرارها ووفرة مواردها و مكانتها الإقليمية و الدولية، و على دورها الثقافي و إشعاعها الفكري و الحضاري..و قد قيل إن كل ذي نعمة محسود.
ومن حق هذه البلاد على مواطنيها و نخبها و قادتها الغيورين على وجودها و مستقبلها و مكانتها بين أمم العالم أن لا يدخروا جهدا في الدفاع بكل ما أوتو من قوة عن سلامتها وأمنها و عن حوزتها الترابية وهويتها الثقافية، و عن صيانة مواردها و خيراتها و مقدراتها من عبث العابثين ، جيرانا كانوا او غير ذلك.
وفي هذا السياق، أرى أنه من الجدير بالتنويه أن قراءة متأنية لهذه المقالات العميقة و استكناه ما ورد فيها من تحليل للاوضاع القائمة و استشراف التطورات و الملابسات المحتملة والممكنة الحدوث ، تجعل المرء يحس بضرورة الحث بإلحاح على نشر هذه المقالات على أوسع نطاق و ترجمتها الى اللغتين الفرنسية والانجليزية وذلك تعميما للفائدة و سعيا لإستبطان مختلف جوانب الملابسات القائمة في المنطقة برمتها.